كل ماتُريد معرفته عن التضخم الاقتصادي

يُعتبر التضخم الاقتصادي (Economic Inflation) ظاهرة من مظاهر الضعف الاقتصادي التي تحدث في اقتصاديات الدول، حيث يتمثل في تغيير مستويات الأسعار العامة للسلع والخدمات نتيجة للعرض والطلب أو زيادة التكاليف. وتعد هذه الظاهرة نتيجة لمجموعة من العوامل التي تؤثر على الأفراد والدول على حد سواء.

لذلك، من المهم فهم التقلبات التي تسبق حدوث التضخم وتستمر خلاله، وصولاً إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة من قبل الحكومة والمؤسسات المعنية للتعامل معه، بهدف الحد من تفاقمه.

ما هو التضخم الاقتصادي_TNFX

ما هو التضخم الاقتصادي؟

التضخم هو ارتفاع مستمر في أسعار السلع والخدمات التي يحتاجها الأفراد بشكل يومي، مثل الغذاء، الملابس، الأدوية، والسكن. ويقاس التضخم من خلال متابعة التغيرات في تكلفة هذه السلع والخدمات على مدار فترات زمنية معينة (شهرية أو سنوية).
ويعتمد قياس التضخم على سلة من السلع والخدمات تختلف حسب الدولة، لذلك فإن السلع التي يقيس عليها البنك المركزي قد تختلف عن تلك التي تستخدمها الحكومة. 
علاوة على ذلك، يعتبر معدل التضخم مقياسًا لانخفاض القوة الشرائية للعملة، ويُحسب كزيادة في الأسعار نسبة مئوية. وفي حالة انخفاض هذه النسبة، يُسمى ذلك “الانكماش”، أي انخفاض الأسعار.

أنواع التضخم الاقتصادي

يتم تصنيف التضخم إلى عدة أنواع رئيسية، حسب سرعة زيادة الأسعار:

1. التضخم الزاحف:
يُعتبر التضخم الزاحف من النوع المعتدل، حيث تتراوح زيادة الأسعار سنويًا بين 3% أو أقل. وحسب الاحتياطي الفيدرالي، يعد هذا النوع من التضخم ملائمًا للاقتصاد، إذ يُسهم في نمو اقتصادي معتدل. ويحفز هذا النوع من التضخم المستهلكين على زيادة الاستهلاك في محاولة للحد من تأثير الزيادة المستقبلية في الأسعار.

2. التضخم المتسارع:
يحدث عندما تزداد الأسعار بين 3% و10% سنويًا. يتسبب هذا النوع من التضخم في زيادة الطلب على السلع الأساسية بشكل كبير، وهو ما يتجاوز قدرة الموردين على تلبية الطلب، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار بشكل أسرع من قدرة الأفراد على الشراء.

3. التضخم الجامح:
هو نوع شديد من التضخم، حيث تزيد الأسعار بنسبة تزيد عن 10%، مما يؤدي إلى حالة من الفوضى الاقتصادية. يتسبب التضخم الجامح في تدهور سريع لقيمة العملة ويؤدي إلى عزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في البلدان المتضررة، مما يعمق من عدم استقرار الاقتصاد الكلي.

4. التضخم المفرط:
هو التضخم الذي يحدث عندما ترتفع الأسعار أكثر من 50% شهريًا، ويُعد هذا النوع نادرًا جدًا. تاريخيًا، كان يحدث نتيجة لسياسات الحكومات مثل طباعة النقود لتمويل الحروب. وقد شهدت ألمانيا في أوائل القرن الماضي وزيمبابوي في بداية القرن الحالي هذه الظاهرة.

5. الركود التضخمي:
يحدث عندما يشهد الاقتصاد ركودًا (تراجعًا في النمو الاقتصادي) بينما تظل الأسعار مرتفعة، وهو ما يعد من أكثر الحالات الاقتصادية صعوبة في التعامل معها.

6. التضخم الأساسي:
يقيس هذا النوع زيادة أسعار السلع والخدمات باستثناء الغذاء والطاقة، نظرًا لأن أسعارها غالبًا ما تكون متقلبة بسبب العوامل الموسمية.

7. انكماش الأسعار:
هو عكس التضخم، حيث يحدث انخفاض مستمر في الأسعار.

8. تضخم الأجور:
يحدث عندما تزيد أجور العمال بشكل أسرع من ارتفاع تكاليف المعيشة. ويحدث ذلك عادة في حالات نقص العمالة، حيث تقل البطالة عن 4%، أو عند تفاوض نقابات العمال على زيادة الأجور بشكل كبير.

9. تضخم الأصول:
يحدث هذا النوع في قطاع معين من الأصول مثل الإسكان أو النفط أو الذهب، مما يؤدي إلى زيادة قيمتها بشكل غير طبيعي.

10. تضخم أسعار البنزين:
ترتفع أسعار البنزين غالبًا في فصل الربيع، مع بدء موسم القيادة في الولايات المتحدة. وقد يتسبب عدم الاستقرار السياسي في بعض البلدان المنتجة للنفط في زيادة أسعار البنزين.

11. تضخم أسعار النفط:
يحدث عندما يرتفع سعر النفط نتيجة لتهديدات تؤثر على العرض أو زيادة في الطلب على النفط.

12. تضخم أسعار الأغذية:
يحدث عندما ترتفع أسعار الغذاء بشكل ملحوظ، مثل زيادة بنسبة 6.8%.

13. تضخم أسعار الذهب:
غالبًا ما تقتني الدول الذهب كاحتياطي ضد التضخم أو الانكماش، مما يؤدي إلى زيادة أسعاره.

أسباب التضخم الاقتصادي

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى حدوث التضخم الاقتصادي، ومن أبرزها:

1. المعروض النقدي:
يعد من الأسباب الرئيسية للتضخم، حيث يحدث عندما يتجاوز المعروض النقدي مستوى النمو الاقتصادي. وعندما تقوم الدولة بطباعة مزيد من النقود، يزداد حجم الأموال في الاقتصاد بينما يبقى المعروض من السلع ثابتًا، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على هذه السلع وبالتالي ارتفاع أسعارها.

2. الدين الوطني:
يتسبب الدين الوطني في التضخم عندما تضطر الحكومات إلى زيادة الضرائب لسداد الديون أو لطباعة المزيد من النقود. وعند زيادة الضرائب، تلجأ الشركات إلى رفع أسعار منتجاتها لتعويض الزيادة في التكاليف، مما يساهم في حدوث التضخم. أما طباعة النقود فهي تؤدي إلى زيادة المعروض النقدي، مما يزيد من حدة المشكلة.

3. زيادة الأجور:
عندما ترتفع أجور العمال، يزيد دخلهم وبالتالي قدرتهم الشرائية، مما يعزز الطلب على السلع والخدمات. ويؤدي ذلك إلى رفع الأسعار لتحقيق التوازن بين العرض والطلب. بالإضافة إلى ذلك، قد تساهم السياسات الحكومية مثل خفض الضرائب أو التحفيزات النقدية التي تشجع الأفراد على الاقتراض في زيادة الطلب على السلع، ما يزيد من الأسعار، خاصة في قطاعات مثل الإسكان.

4. التضخم الناتج عن التكاليف:
يحدث هذا النوع من التضخم عندما تواجه الشركات زيادة في أسعار المواد الخام التي تستخدمها في الإنتاج، مما يضطرها إلى رفع أسعار السلع والخدمات للمستهلكين.

5. سعر الصرف:
يؤثر سعر الصرف في التضخم بشكل كبير. كلما انخفضت قيمة العملة المحلية مقارنة بالعملات الأجنبية، ارتفعت أسعار السلع المستوردة.

6. السعي للربحية:
قد يرتفع التضخم نتيجة لرفع الشركات لأسعار منتجاتها بهدف زيادة أرباحها.

7. انخفاض الإنتاجية:
يرتبط هذا النوع من التضخم بنقص الإنتاج في الشركات، مما يقلل من المعروض من السلع وبالتالي يؤدي إلى زيادة الأسعار.

8. زيادة الضرائب:
عندما تفرض الحكومة المزيد من الضرائب، يؤدي ذلك إلى زيادة أسعار السلع والخدمات.

علاقة التضخم بمكونات الاقتصاد الكلي

يعد التضخم من أهم الظواهر الاقتصادية التي تثير اهتمام الاقتصاديين، نظرًا لتأثيره الكبير على الاقتصاد الوطني والدولي.
فالتضخم يؤثر على معظم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية مثل الناتج القومي والمحلي، ومعدل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والميزان التجاري، وموازنة الدولة، وسوق الأوراق المالية، وغيرها من المجالات.

ويتميز التضخم بمجموعة من الخصائص، أبرزها:
• تشمل الزيادة في الأسعار جميع السلع والخدمات.
• تستمر زيادة الأسعار بشكل مستمر.

ويعتبر بعض علماء الاقتصاد أن التضخم يمثل حافزًا للنمو الاقتصادي، حيث يساهم في تقليل الاستهلاك، مما يزيد من الادخار ويشجع على استثماره لاحقًا. كما أن ارتفاع الأسعار يشجع المنتجين على زيادة الإنتاج، مما يعزز النمو الاقتصادي.
من ناحية أخرى، يرى البعض أن التضخم يعد عائقًا أمام النمو الاقتصادي، حيث يؤدي إلى تدهور قيمة العملة وانخفاض الثقة في الاقتصاد المحلي، ما ينعكس سلبًا على المدخرات ويؤدي إلى هروب الاستثمارات، مما يسبب مشاكل اقتصادية كبيرة.

تأثير التضخم على سعر العملة

أسعار الصرف هي عملية تحويل العملة بين بلد وآخر وتعتمد على العلاقة بين العرض والطلب للعملات المختلفة. يُعرف سعر الصرف بأنه قيمة وحدة من العملة المحلية مقابل وحدة من العملة الأجنبية. وتنقسم أسعار الصرف إلى نوعين: الأول ثابت ويحدده البنك المركزي للدولة، والثاني حر ويعتمد على العرض والطلب في الأسواق.

أما بالنسبة لتأثير التضخم على أسعار الصرف، فارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد الوطني يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة المحلية من حيث قدرتها الشرائية، مما يعني أن العملة الوطنية تصبح أقل قدرة على شراء نفس الكمية من السلع مقارنة بالعملات الأجنبية. ونتيجة لذلك، يزداد عدد الوحدات من العملة الوطنية المطلوبة لاستبدال وحدة واحدة من العملة الأجنبية.

عوامل أخرى تؤثر على سعر الصرف

1. قوة الاقتصاد: ارتفاع قيمة العملات الأجنبية يرتبط بقوة الاقتصاد الوطني للدولة المصدرة لتلك العملة.
2. تراجع الصادرات: انخفاض أسعار الصادرات يؤثر على حجم التدفقات النقدية الواردة من الخارج. 
3. الأزمات والكوارث: الحروب والكوارث الطبيعية قد تؤدي إلى تقلبات في أسعار الصرف.
4. خدمة الديون الخارجية: زيادة تكاليف سداد الديون يمكن أن تؤثر سلبًا على قيمة العملة.
5. أسعار الفائدة: لها تأثير مباشر على أسعار الصرف؛ فكلما انخفضت أسعار الفائدة، زادت الاستثمارات والطلب على رؤوس الأموال، بينما تؤدي الزيادة في الفائدة إلى انخفاض الطلب على القروض، مما يحد من الاستثمارات ويبطئ النمو الاقتصادي.

تأثير التضخم على أسعار السلع

التضخم يعني زيادة مستمرة في أسعار السلع والخدمات، ما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة بمرور الوقت. ويُعبّر عن التضخم عادة بمعدل ارتفاع الأسعار خلال فترة معينة، مثل عام أو شهر.
ومع التضخم، تتغير أسعار السلع بشكل نسبي، مما يؤثر على توزيع الإنفاق بين مختلف السلع والخدمات. كما أن زيادة أسعار بعض السلع لا تعني بالضرورة حدوث التضخم إذا لم يكن هناك زيادة عامة في الأسعار.

التضخم يؤدي أيضًا إلى انخفاض الأجور الحقيقية (القدرة الشرائية للأجور) في كثير من الأحيان، حيث ترتفع الأسعار بينما لا تواكب الأجور هذه الزيادة، ما يؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة. من ناحية أخرى، قد يستفيد بعض الأشخاص مثل أصحاب العقارات والمستثمرين في الأسهم، بينما يخسر حملة السندات لأن الفوائد الثابتة التي يتلقونها تفقد قيمتها الحقيقية. كما يستفيد المقترضون من التضخم بفضل انخفاض القيمة المستقبلية للديون.
بالمجمل، يعمل التضخم على إعادة توزيع الدخل ويؤثر على قيمة الثروات الحقيقية، ما يؤدي إلى تدني القوة الشرائية للنقود.

الإجراءات الحكومية للحد من التضخم

يمكن للسياسات الحكومية أن تحد من التضخم عبر تنفيذ مجموعة من السياسات النقدية والمالية، ومنها:

أولاً: السياسة الاقتصادية 
• تحديد مصادر الإيرادات وفائض الموازنة من خلال السياسات المالية، مما يقلل السيولة المتاحة في السوق.
• بيع الدين العام لخفض السيولة.
• زيادة الضرائب على السلع الكمالية.
• تقليص الإنفاق الحكومي.

ثانياً: السياسة النقدية
تتولى البنوك المركزية تنفيذ السياسات النقدية باستخدام أدوات كمية ونوعية:
• الأدوات الكمية:
• زيادة تكلفة إعادة الخصم في البنوك التجارية.
• رفع عمليات بيع الأوراق المالية في الأسواق المفتوحة لتقليص السيولة.
• زيادة نسبة الاحتياطي القانوني للبنوك التجارية، مما يقلل من قدرتها على الإقراض.
• الأدوات النوعية:
• إقناع البنوك التجارية بضرورة تقليل السيولة في الأسواق من خلال السياسات المتبعة.

تأثير التضخم على أسعار الفائدة

تتأثر أسعار الفائدة بشكل كبير بالتضخم. عندما يرتفع التضخم، ترتفع تكلفة الإنتاج، مما يزيد الطلب على رأس المال لتغطية التكاليف. هذا الارتفاع في الطلب على المال يؤدي إلى زيادة في أسعار الفائدة.

على سبيل المثال، إذا كانت إحدى الشركات قد خططت لتخصيص عشرة ملايين لإنشاء خط إنتاج جديد، لكن التضخم أدى إلى زيادة التكاليف بمقدار خمسة ملايين، فإن الشركة ستحتاج إلى اقتراض المزيد من المال، مما يرفع الطلب على رأس المال ويرتفع سعر الفائدة.
كما أن العرض والطلب على القروض يؤثران أيضًا على أسعار الفائدة. في حالة ازدهار الاقتصاد، يزيد الطلب على القروض، مما يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة.

اشترك معنا
سوق الفوركس

سوق الفوركس

يُعد سوق الفوركس من أكثر الأسواق حيوية ونشاطًا، حيث يتفرع إلى عدة أنواع تتيح للمتداولين المضاربة على العملات باستخدام استراتيجيات وأساليب متنوعة. إضافة إلى ذلك، يتميز هذا السوق بشموليته، حيث يوفر خيارات استثمار متعددة المستويات، وسيولة عالية، فضلاً عن العديد من المزايا الأخرى التي سنتناولها في هذا المقال.

المزيد »
تقرير معدل البطالة

تقرير معدل البطالة

يُعد هذا التقرير أحد المؤشرات الاقتصادية الهامة التي تُظهر النسبة المئوية للأفراد العاطلين عن العمل من بين السكان

المزيد »
ما هو التضخم الاقتصادي

كل ماتُريد معرفته عن التضخم الاقتصادي

يُعتبر التضخم الاقتصادي (Economic Inflation) ظاهرة من مظاهر الضعف الاقتصادي التي تحدث في اقتصاديات الدول، حيث يتمثل في تغيير مستويات الأسعار العامة للسلع والخدمات نتيجة للعرض والطلب أو زيادة التكاليف.

المزيد »
Scroll to Top